Che.Khal6d .
رقم العضوية : 1 عدد المساهمات : 300 العمر : 40 الموقع : http://www.jbhawy.yoo7.com/ تاريخ التسجيل : 22/03/2010
| موضوع: جذور القضية الفلسطينية .. 2010-03-26, 16:35 | |
| جذور القضية الفلسطينية
د . اميل توما، عرض وتقديم : د . محمد أيوب
جذور القضية الفلسطينية د . إميل توما عرض وتقديم: د . محمد أيوب الفصل الأول نشوء العقدة الفلسطينية نشأت القضية الفلسطينية عن صراع ثلاث قوى هي الإمبريالية البريطانية والحركة الصهيونية والحركة القومية العربية، فقد بدأت بريطانيا تهتم بفلسطين بسبب تجارتها مع الهند وبدء تفكك الإمبراطورية العثمانية، ولم تكن بريطانيا ترغب في أن ترى روسيا متمركزة على البوسفور، وقد بدأت بريطانيا بخدمة ملاحة منتظمة إلى البصرة والسويس، وإلى كل من مصر وسوريا. وقد كانت حملة نابليون واحتلاله لسوريا الطبيعية حملة سياسية تهدف إلى تهديد الإمبراطورية البريطانية في الهند وإلى توسيع الإمبراطورية الفرنسية، وعلى أثر ذلك حدثت نقطة تحول في السياسة البريطانية بدأت بتوقيع سلسلة اتفاقات مع أمراء ومشايخ سواحل شبه الجزيرة العربية، واحتلت المواقع الإستراتيجية والاقتصادية الهامة التي يمكن أن تقطع الطريق على أية قوة تهدد الهند، كما عاونت القوات البريطانية القوات العثمانية من أجل إجلاء القوات الفرنسية عن مصر سنة 1901م. وفي عام 1807م حاولت بريطانيا احتلال مصر ولكنها فشلت في ذلك، ويرى بعض الكتاب أن حملة فريزر كانت للاستكشاف بهدف توطيد المواقع الاقتصادية في مصر بعد بدء تقلص نفوذ المماليك حلفاء بريطانيا وصعود نجم محمد علي الذي كان يبدي ميلا للفرنسيين، وهذا الافتراض غير مقبول، لأن نابليون سيطر على أوروبا وشكل تهديدا خطيرا لمصالح بريطانيا مما فرض عليها ضرورة مواجهته، وعندما حاول محمد علي إقامة الدولة العربية الكبرى بين 1831 – 1840، قاومت بريطانيا بوضوح وعنف هذه الدولة التي امتدت من مصر عبر سوريا الطبيعية إلى حدود آسيا الصغرى، وتعاونت مع تركيا ومع دول أوروبا لإجلاء القوات العربية المصرية عن سوريا وحصر الدولة الحديثة التي أنشأها محمد علي في حدود مصر. وقد كتب بالمرستون إلى سفير بلاده في نابولي يقول: " إن هدف محمد علي الحقيقي هو إقامة مملكة عربية تضم جميع البلاد التي تتكلم العربية، وقد لا يحتوي هذا المشروع على ضرر ما في حد ذاته، ولكنه سيؤدي إلى تقطيع أوصال تركيا، وهذا ما لا نرضى عنه، وفضلا عن ذلك فلا نرى سببا يبرر إحلال ملك عربي محل تركيا في السيطرة على طريق الهند". الكولونيالية البريطانية تصبح صهيونية قبل نشأة الصهيونية كانت محاولة محمد علي نقطة البداية، فقد أبرز ناحوم سوكولوف الصلة بين محاولة محمد علي إقامة الدولة العربية الكبرى وتبني بريطانيا للفكرة الصهيونية قبل أن تنشأ أية منظمة صهيونية أو قبل أن يضع أسسها أي يهودي، فبعد إعادة قوات إبراهيم باشا إلى مصر برزت مسألة مستقبل فلسطين، وكان السائد في الرأي العام البريطاني ضم عكا وقبرص إلى بريطانيا، فاحتلت بريطانيا موقع عكا الحصين لضمان حرية الطريق إلى الهند، وهكذا فكرت بريطانيا في استغلال رغبة اليهود في العودة إلى سوريا واعتبرت أن استعمار العبرانيين لسوريا أرخص وأقل تكلفة، وقد تحدث شافتسبري عن اليهود سنة 1876م وقال إن سوريا تحتاج إلى مال وسكان، واستنتج أن اليهود يستطيعون تزويدها بالأمرين معا، وقد أكد ناحوم سوكولوف في كتابه "تاريخ الصهيونية" ج 1 ص 206" أن الفضل يرجع إلى بريطانيا في استيطان اليهود في فلسطين. يرى الكولونيل جورج جولر حاكم جنوب أستراليا أن القدر وضع مصر وسوريا في طريق تجارة بريطانيا إلى الهند، وأن استيلاء أي دولة على مصر وسوريا يقطع هذا الطريق وأن القدر يدعو إنجلترا إلى تحسين وتطوير سوريا بنشاط بني إسرائيل ومساعيهم، وقد كتب هولنغورث سنة 1951 أن إقامة الدولة اليهودية في فلسطين لم يكن عملا إنسانيا وعادلا؛ بل ضرورة سياسية في الذهن البريطاني لحماية الطريق عبر آسيا الصغرى إلى الهند، وكان المحرك المباشر هو الحديث عن قناة السويس الذي حرك الفرنسيين للتفكير بالفكرة نفسها، كما يظهر في كتاب دينبي " المشكلة الشرقية" وكتاب لاهرامي " المسألة الشرقية" . وقد كانت هناك في دمشق عائلتان يهوديتان تملك كل منهما مليون ونصف مليون جنية وهي ثروة ضخمة في ذلك، مما جعل بريطانيا تبسط حمايتها على يهود الدولة العثمانية، خصوصا وأن فرنسا بسطت حمايتها على الكاثوليك، وبسطت روسيا حمايتها على الأرثوذكس، في حين لا يوجد متحيزون لبريطانيا في الدولة العثمانية، وقد وجدت بريطانيا نفسها في حاجة إلى طائفة لتواجه روسيا القيصرية وفرنسا؛ فتوكأت على اليهود، كما لجأت إلى الزعماء الدروز، ووجدت فرنسا بغيتها في زعماء الموارنة وروسيا في زعماء الروم الأرثوذكس. وقد احتاجت بريطانيا إلى فكرة بعث إسرائيل في فترة المزاحمة الحرة، ولم تكن في حاجة لها في وقت الصراع الشديد مع فرنسا في نهاية القرن التاسع عشر لأن ميدان الصراع كان محصورا في مصر وأفريقيا وبالتالي لم يكن من الممكن الاستفادة من صهيونية بريطانيا الكولونيالية، وقد تحولت الصهيونية آنذاك إلى صهيونية يهودية، وأصبحت منظمتها تحتل مكانها في المحافل الدولية.
الفصل الثاني ملاحظة على مرحلة ما قبل الصهيونية يرى ناحوم سوكولوف أن تاريخ إسرائيل يبدأ بالصهيونية، وأن الخروج من مصر كان مثالا للجمع بين الهجرة والكولونيالية " استعمار الأرض"، كما يرى أن العودة من بابل كانت حدثا عظيما، وقد خالف هذا التوجه بن هلبرن الذي يرى أن الانعتاق أدى إلى مساواة اليهود بالمواطنين عامة بعد الثورات البورجوازية في القرن التاسع عشر، وقد نسجت الصهيونية أسطورة الشوق الخالد إلى صهيون بعد الشتات، حيث زعمت الصهيونية أن القوى الظالمة فرضته على اليهود، وقد نسف التاريخ هذه الأسطورة لأن اليهود رحلوا عن أرض الميعاد( التي يزعمون أنهم عاشوا فيها) طلبا للرزق وهربا من الجوع، كما عادوا إلى الهجرة بعد قيام ملك إسرائيل وقبل السبي البابلي، وقد فضل معظم المنفيين البقاء في بابل، وأنه لم يعد من السبي أكثر من ستين ألف يهودي حسب أقوال عزرا ونحميا.، وفي تاريخ كمبردج القديم ج9 ص 429 نجد أن نسبة اليهود في أرض الميعاد هي الربع بالنسبة للسكان، أما في مصر فكان عددهم مليون من ثمانية ملايين، ولذا نجد أنه من التجني الحديث عن الصهيونية منذ فجر التاريخ، وقد حافظ الرومان على ازدهار الطائفة اليهودية الاقتصادي في الإسكندرية، وقد أدى انهيار الإمبراطورية العربية الإسلامية إلى انتقال مراكز استيطان الطوائف اليهودية من شرق البحر المتوسط إلى أوربا التي كانت تتطور بسرعة. الثورات البورجوازية وانعتاق اليهود طالب اليهود بإقامة الغيتوات ( المعازل) الأولى في أسبانيا وصقلية في العصر الوسيط باعتبارها رمزا ماديا لتنظيمهم الذاتي، وقد اكتشف بعض اليهود أخطار هذه السياسة الانعزالية في القرن السادس عشر، ولكن هذا الاكتشاف جاء متأخرا حيث فرض على اليهود أن يعيشوا في أحياء مغلقة خاصة بهم، وقد اشتغل اليهود بالتجارة والربا بعد تحريم الكنيسة الكاثوليكية في أوروبا التعامل بالربا بين المسيحيين، ومع ذلك لم تشكل تجمعات اليهود طبقة واحدة بل كانوا عبارة عن طبقات مختلفة مثلهم في ذلك مثل بقية السكان الأوروبيين بل كانت نواة تجارية مالية وطائفة انعزالية. وقد طلب الرابي منشي بن إسرائيل من أوليفر كرومويل حاكم بريطانيا أن يسمح لليهود بالاستيطان في بلاده، وكان يعلن أن على اليهود أن ينتشروا في أنحاء المعمورة قبل أن يعيدهم الرب إلى أرض الميعاد، وقد بدأ اليهود باكتساب ميزات القوميات التي كانوا يعيشون في بلادها ويمتزجون بها؛ وقد انعقد السنهدرين بحضور ثمانين شخصية دينية وعلمانية من المناطق المختلفة التي كانت فرنسا تسيطر عليها ، وذلك في أوائل شباط ( فبراير) سنة 1807م لإعطاء أجوبة عن أسئلة محددة مثل: أيحق لليهود تعدد الزوجات؟ أيصح الطلاق في اليهودية؟ أيمكن الزواج بين اليهود والنصارى؟ ؟ أيعتبر اليهود الذين ولدوا في فرنسا ، فرنسا وطنا لهم؟ هل تشجع القوانين اليهودية الربا بين اليهود؟ يرى المؤرخ هوارد مورلي أن السنهدرين أكد أن اليهود أداروا ظهرهم إلى فكرة وجودهم كأمة " كتاب مسيرة التاريخ اليهودي المعاصر ص 63"، وقد قال المالي اليهودي الكبير إبراهام فورنادو: " لسنا نؤلف أمة داخل أمة أخرى ... إن فرنسا وطننا " ، وقد أصبح أبناء الطوائف اليهودية يعلنون أنهم فرنسيون وبريطانيون وألمان يدينون بالدين اليهودي، وقد تفاوتت عملية انعتاق اليهود بسبب التطور غير المتعادل بين أقطار أوروبا؛ فقد بقيت القيود على اليهود في روسيا القيصرية زمنا طويلا بعد أن حطمت الثورة الفرنسية جدران الغيتوات في فرنسا، وقد تمايز اليهود طبقيا في روسيا، حيث تخلص الأغنياء من عبء الاضطهاد الطائفي في حين حلت المصائب بجماهير اليهود مثلما حلت بفقراء الإمبراطورية الروسية، ولهذا بدأت الحركة الصهيونية نشاطها في روسيا في ظروف يقظة الوعي الطبقي بين جماهير العمال اليهود الذين انخرطوا في العملية الثورية، وقد حاولت الصهيونية إبعاد اليهود عن هذه العملية الثورية. الفصل الثالث نشوء الصهيونية وأيديولوجيتها أدت الأوضاع الاقتصادية والسياسية إلى خلق التربة الصالحة لظهور اللاسامية والحركة الصهيونية التي زعم أصحابها أنها الرد الوحيد على اللاسامية، فقد تميز الربع الأخير من القرن التاسع عشر بتحول الرأسمالية في أوروبا إلى أعلى مراحلها، مرحلة الإمبريالية، فتحولت رأسمالية التنافس الحر إلى الاحتكار واندماج المال المصرفي بالصناعة وتصدير رءوس الأموال وإقامة احتكارات عالمية وتقسيم المستعمرات؛ وقد أدى ذلك إلى تشديد الصراعات الاجتماعية والقومية، وتركز الصراع بين الطبقة العاملة وبين الرأسمالية، ولذلك شهد هذا القرن ظهور الحركة الشيوعية العالمية، وأول محاولة في التاريخ لإقامة مجتمع عادل وحكومة عمالية في كوميونة باريس سنة 1871م، مما لفت الأنظار إلى خطورة الطبقة العاملة التي اتسعت بفضل التطور الصناعي وتحسن تنظيمها، وقد لجأت الرأسمالية إلى القمع لوقف النضال الطبقي الثوري، ولجأت الرأسمالية إلى الاستيطان الكولونيالي للتخفيف من هذا الصراع، كما لجأت الرأسمالية إلى استخدام اللاسامية في سنوات السبعين من القرن التاسع عشر لحرف النضال الاجتماعي عن مساره الصحيح، وقد قام مستشار ألمانيا بسمارك، الذي كان له دور كبير في انعتاق اليهود، باستغلال اللاسامية في معركته السياسية حين قاد المحافظين ضد الأحرار التقدميين من وجهة نظره، وقد فقدت القومية طابعها التقدمي لتصبح أداة في أيدي الإمبرياليين يستخدمونها لتوسيع إمبراطورياتهم تحت شعار الكبرياء القومي وتمدين الشعوب. الأيديولوجيا الصهيونية تبلورت الفكرة الصهيونية في القرن التاسع عشر في كتاب تيودور هرتسل( الدولة اليهودية) الذي ظهر سنة 1896م. مع أن منظمة ( أحباء صهيون قد ظهرت في روسيا قبل ذلك ، ودعت إلى الهجرة إلى فلسطين، ولكنها لم تترك أثرا عميقا في حياة اليهود). أسس الأيديولوجية الصهيونية ترى الصهيونية أن الشعوب التي يعيش اليهود بينها هي شعوب لا سامية وأن اليهود شعب واحد، وأن أعداءهم جعلوهم هكذا دون موافقتهم!( الدولة اليهودية ، ص 92، سنة 1946)، وفي ذلك تجاهل للعوامل الاقتصادية والاجتماعية التي خلقت اللاسامية، وهذا يعني أن الحركة الصهيونية كانت الوجه الآخر للاسامية، لأن القيادة الصهيونية لم تجد في اللاسامية عدوا خطيرا، بل اعتبرتها عاملا مساعدا على تحقيق برامجها، انطلاقا من مقولة هرتزل إن أعداء اليهود هم الذين جعلوهم شعبا واحدا، فقد وجدت الصهيونية صعوبة في الانتشار بين اليهود في أوروبا الغربية، حيث رفضت الطائفة اليهودية في ميونخ عقد المؤتمر الصهيوني الأول فيها مما دفع القائمين عليه إلى عقده في بال في سويسرا، وقد وصل الأمر بقادة الصهيونية إلى حد التعاون الوثيق بين اللاساميين وبين الصهيونيين، كما يظهر من تعاون الصهيونية مع النازية في الحرب العالمية الثانية، كما ألقت المنظمة الصهيونية في العراق القنابل على الكنس وتجمعات اليهود بقصد تهجيرهم إلى فلسطين. ومع أن المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897 حدد فلسطين لإقامة الوطن القومي، فإنها وافقت على اقتراح تشمبرلن بإقامة الوطن القومي في أوغندة، ويعود الاتفاق النهائي على اختيار فلسطين إلى عاملين: 1 – التقاء المصالح البريطانية مع المصالح الصهيونية. 2 - اكتشاف الصهيونية أنه من السهل استنفار اليهود لبناء وطن قومي لليهود بسبب ارتباطها بالدين اليهودي، وقد رأت الصهيونية أن اليهود ليسوا أمة عالمية فحسب، بل أمة فريدة تتجاوز التقسيمات الطبقية وينتفي فيها الصراع الاجتماعي؛ فالصهيونية الاشتراكية تقدم الصراع القومي على الصراع الطبقي والاجتماعي، ولذلك لا بد من تجميع الشتات وإقامة القوم أولا. الفصل الرابع الصهيونية حتى وعد بلفور مخطط هرتزل والاستيطان الاستعماري عالج كتاب ( دولة اليهود) أدق تفاصيل عملية بناء الدولة اليهودية وتجسيد الأيديولوجية الصهيونية ابتداء من إقامة (جمعية اليهود)، التي ستشرف على المشروع، والشركة اليهودية التي ستنفذ المشروع اقتصاديا، وقضايا الهجرة وتنظيم المدن في دولتهم واختيار لغتهم وعلمهم وسن دستورهم، وجمعية اليهود هي التي ستحدد الأرض التي ستقام عليها في فلسطين أو الأرجنتين. وقد حدد هرنزل رأسمال الشركة اليهودية بخمسين مليون جنيه أي ما يعادل 200 مليون دولار في ذلك الوقت، وحين أسسوا أداة الصهيونية المالية أطلقوا عليها اسم الشركة اليهودية الاستعمارية وهدفها تطوير فلسطين والأقطار المجاورة لها صناعيا واقتصاديا ( تاريخ الصهيونية، ناحوم سوكولوف ج 2 ص 371) المنظمة الصهيونية في الميدان الدولي أمضى هرتزل الفترة بين انعقاد المؤتمر الصهيوني الأول سنة 1897م وبين وفاته في 3 تموز 1904م في محاولات إقناع الدول الإمبريالية بمساعدة الصهيونية على تحقيق أهدافها، وقد بدأ هرتزل اتصالاته على الصعيد الدولي بالاجتماع بالوزير العثماني في 21 يونيو (حزيران)1896م لبحث الاستيطان الاستعماري في فلسطين تحت رعاية السلطان، وكانت إحدى مقابلاته الأخيرة في 23 كانون الثاني 1904م مع ملك إيطالية الذي تعاطف مع مشروع الصهيونية في استيطان طرابلس الغرب تحت الحماية الإيطالية، وقد احتلت إيطاليا ليبيا فيما بعد سنة 1912م، كما توجه هرتزل إلى المستشار الألماني بسمارك ليستشيره في مشروعه، وبعد إحجام السلطان العثماني عندما قابله هرتزل في 19 مايو ( آيار) 1901م عن إصدار فرمان بالاستعمار الصهيوني في فلسطين، ركز هرتزل جهوده على بريطانيا التي عرضت على الصهيونية استعمار أوغندة سنة 1903م. الخلاف بين الصهيونية العلمية والصهيونية السياسية ظهر هذا الأمر بعد وفاة هرتزل عند انعقاد المؤتمر الصهيوني السابع الذي عقد في بال بين 27 تموز إلى 2 أب سنة 1905م ، حيث تقرر التخلي عن فكرة استعمار أوغندة والعودة إلى البرنامج الأصلي الذي حدد فلسطين هدفا للاستيطان الصهيوني. وكان هذا الانقسام انعكاسا للصراع بين الدول الاستعمارية في المنظمة الصهيونية، فكانت القوى الصهيونية في ألمانيا هي الحاسمة في المنظمة الصهيونية حتى بداية الحرب العالمية الأولى، وقد انعكس الصراع بين القوى الصهيونية الموالية لألمانيا وتلك الموالية لبريطانيا في أكثر من ميدان، وقد وصف حاييم وايزمن في كتابه ( التجربة والخطاء ) هذا الصراع حول اللغة عشية الحرب العالمية الأولى، وتحدث عن وجود ثلاث شبكات للتعليم في فلسطين، الأولى بإشراف (أليانس إزرائيلي يونيفرسال) ومقرها باريس ولغة التعليم فيها بالفرنسية، والثانية (هلفسفيرين در دويتشن بودين) ومقرها برلين ولغة التعليم فيه هي الألمانية، والثالثة ( فيلينا دي روتشيلد في القدس ولغة التعليم فيها هي الإنجليزية،) وقد تطرق وايزمن إلى إنشاء التخنيون في حيفا. وبعد اشتداد الصراع بين ألمانيا وبريطانيا أصبح من مصلحة الإمبريالية ألألمانية أن تسخر الصهيونية لخدمة مصالحها فأيدت الاستعمار الاستيطاني في فلسطين. الاستيطان الاستعماري في فلسطين دعت المنظمة الصهيونية إلى الاستيطان في فلسطين باعتباره تجسيدا للكيان القومي، وبذلت جهودا كبيرة لجذب المضطهدين من يهود أوروبا الشرقية، ومع ذلك فإنها لم تنجح في وقف سيل المهاجرين منهم إلى أمريكا؛ حيث أصبح عدد اليهود في أمريكا في الفترة بين 1881 – 1918م حوالي أربعة ملايين نسمة، بينما لم يزد عددهم في فلسطين عن ثمانين ألفا قبل الحرب العالمية الأولى، وهبط هذا العدد أثناء الحرب إلى خمسة وستين ألفا، فقد كانت هناك ست مسوطنات يعمل فيها أربعمائة فلاح وتسيطر على خمسة وعشرين ألف دونم في عام 1882م، وقد اشترت المنظمة الصهيونية هذه الأراضي من الإقطاعيين الغائبين مما ولد صدامات بين اليهود والفلاحين العرب الذين يعملون في هذه الأراضي، وقد كانت تصرفات المستوطنين اليهود ضد العرب تتسم بالعنف، فقد كتب آرثر كوستلر : " أن يوسف بن داوود طعن شيخ قبيلة أبو رمان القوية التي حطت بالقرب من بيتح تكفا (مفتاح الأمل، ويسميها العرب ملَبِّس) لأن قطعان القبيلة رعت في أراضي المستوطنة وسرقت القمح، وأضاف أن يوسف بن داوود وآخرون حملوا جثة الشيخ القتيل ودخلوا بها مضارب البدو، وبذلك رفعوا اسم اليهود عاليا وجعلوا العرب يشعرون بعجزهم عن إجلاء اليهود عن أراضيهم. الفصل الخامس وعد بلفور انقسم اليهود على أنفسهم في بداية الحرب العالمية الأولى، وكادت آمالهم في استيطان فلسطين تتبدد، فقد انقسم اليهود إلى قوميات، وتوزع ولاء اليهود بين الكتلتين المتحاربتين، بريطانيا وفرنسا وروسيا القيصرية من جهة، وألمانيا والنمسا والمجر وتركيا من جهة أخرى، وذلك إضافة إلى الانقسام الطبقي بين اليهود في البلدان التي يقيمون فيها، وقد كان بن غوريون وإسحاق بن زفي من مؤيدي التعاون مع تركيا. الصراع الأنجلو – فرنسي داخل الحلف أدى الصراع الدائر بين بريطانيا وفرنسا إلى مفاوضات انتهت بتوقيع اتفاق سايكس - بيكو سنة 1916م، وقد تحددت حصة روسيا القيصرية بالقسطنطينية( اسطنبول) مع عدد من الأميال إلى الداخل على ضفتي البوسفور، وقطعة كبيرة من شرق الأناضول تضم الولايات الأربعة على الحدود التركية الروسية، وتحددت حصة فرنسا في معظم سوريا الطبيعية، مع جزء كبير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق، أما حصة بريطانيا فقد امتدت من طرف سوريا الجنوبية ( المقصود فلسطين وشرق الأردن) حتى العراق بحيث تضم بغداد والبصرة وجميع البلاد الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية. وبعد انتهاء الحرب تقدم هربرت صموئيل بمشروع يقوم على ضم فلسطين إلى الإمبراطورية البريطانية وزرع ثلاثة أو أربعة ملايين يهودي فيها لخدمة مصالح بريطانيا. دخول العامل الصهيوني الميدان يروى أن لويد جورج سأل وايزمن الذي اكتشف الأسيتون الصناعي بم يكافئه، فقال له: اصنع شيئا لشعبي، وهناك تبرير آخر لصدور وعد بلفور هو أن بلفور زعم أن اليهود تعرضوا للطغيان في أوروبا ولذلك كان الوعد تكفيرا عن الجرائم التي ارتكبتها أوروبة بحقهم، وقد الاعتقاد قبل 1917م بأن تأييد بريطانيا علنا للصهيونية يبعد اليهود الروس عن الحزب البلشفي، كما أبرز لويد جورج طلب ألمانيا من تركيا أن تلبي مطالب الصهيونيين، وأن ألمانيا كانت تبذل جهودها للاستيلاء على الحركة الصهيونية، والحقيقة أن قادة الصهيونية في بريطانيا استنجدوا بالحكومة الأمريكية للضغط على بريطانيا لتصدر تصريح بلفور، ولكن العامل المقرر في النهاية هو مصلحة بريطانيا.
| |
|